التأمت الدّورة الرّابعة من تظاهرة جوّ تونس الّتي تنظّمها مؤسّسة كمال الأزعر ما بين 12 و16 ماي، واتّخذت من الهجرة موضوعا لها. وقد كللت هذه الدورة بالنجاح كما تبرهنه هذه الارقام:
- أكثر من 60 مشاركا من 13 بلدا (تونس، الجزائر، المغرب، لبنان، الكنغو، مالي، فرنسا، بريطانيا العظمى، إيطاليا، اليونان، ألمانيا وسويسرا)
- أكثر من 4 آلاف زائر في غضون أربعة أيّام.
- 17 تظاهرة فنّيّة في جهة قرطاج والكرم وحلق الوادي.
- أكثر من 20 شريكا من مختلف المؤسّسات والجمعيّات
تعتزم الدّورة الرّابعة من "جو تونس" تناول ظاهرة الهجرة عبر المتوسّط. والبحر المتوسّط في معناه بالّلّغة اللاّتينيّة هو "ما بين الأراضي"، وهو الّذي تغنّى به هوميروس في ملحمته الأوديسة، والّذي طالما كان مهد الحضارات العظيمة وعامل اندماج بين الشّعوب على ضفّتيه، سواء كانوا من الفينيقيّين أو القرطاجنّيّين أو اليونانيّون أو الرّومان أو العرب. ولكن أصبح هذا الفضاء اليوم الهوّة الّتي تنكسر فيها كلّ الأحلام الضّائعة للشّباب، والمقبرة الّتي ينتهي إليها الآلاف من النّاس عند محاولتهم عبور هذا البحر لبلوغ أوروبّا عبر جزيرة لمبيدوزا.
لا ينبغي أن ننسى حين نشاهد الشّباب التّونسيّ وهو يحلم بالهجرة في مراكب الموت ويلقي بنفسه في عرض البحر في مواجهة المخاطر والمهالك أنّ هذا الشّباب ذاته ينتمي إلى بلد كان في الماضي أرضا للهجرة. فقد كانت تونس عبر تاريخها مكانا يرحّب بكلّ القادمين إليه، وتشبّعت ثقافته إلى حدّ كبير بالثّقافات الأخرى للحوض المتوسّطيّ، بفضل الشّعوب المختلفة الّتي وطأت قدمها هذه الأرض.
وتتطرّق دورة 2017 لتظاهرة "جو تونس" مسألة الهجرة في مفهومها الشّامل، سواء كانت هجرة طوعيّة أو قسريّة، هجرة لأسباب اقتصاديّة أو سياسيّة، شرعيّة أو غير شرعيّة. فالبحر المتوسّط يوجد في قلب هذه التّدفّقات الهجريّة، وما انفكّ يحيلنا على علاقتنا بذاتنا وبالآخرين، كما يثير مسائل راهنة مثل مفهوم الحدود والانتماء والهويّة. وهي مواضيع تبلورت في الكثير من الأعمال الفنّيّة والثّقافيّة لعدد من الفنّانين والمثقّفين في المنطقة.
وتودّ هذه التّظاهرة معالجة هذا الموضوع من منظور الفعل الفنّيّ، وذلك من خلال دعوة الفنّانين إلى تعبئة جهودهم لتوعية الرّأي العامّ بالمآسي الّتي يعيشها أبناء الوطن على أعتابنا. ويسعى المعرض الّذي سيقام في إطار فعاليّات هذه التّظاهرة إلى اقتراح مقاربة إنسانيّة ومجتمعيّة لمسألة الهجرة، بعيدا عن التّحليلات الجغراسياسيّة والفرجة الإعلاميّة.