معرض فريد من نوعه
"لقطة مقرّبة، المجال الحضري في البلاد التّونسيّة"
بدعم من مؤسّسة كمال الأزعر، احتضن قصر خير الدّين (متحف مدينة تونس) من 12 ماي إلى 20 جوان 2017 معرض "لقطة مقرّبة، المجال الحضري في البلاد التّونسيّة" (Gros Plan, Paysage Urbain de Tunisie). ومن خلال هذا المعرض قام المهندس المعماريّ والخبير في التّخطيط العمرانيّ والمناظر الطّبيعيّة السّيّد جلال عبد الكافي الّذي يعتبر من روّاد هذا الاختصاص بإدلاء شهادته وتوثيق التّاريخ المؤسّس للمجال الحضري والعمرانيّ التّونسيّ، والّذي يرتبط ارتباطا وثيقا بالسّياق السّياسيّ والاجتماعيّ والاقتصاديّ للبلاد التّونسيّة.
وتبدأ هذه الرّحلة عبر الزّمن من القرن التّاسع عشر في المدينة العتيقة بتونس العاصمة زمن حكم البايات. فقد تمّ الشّروع حينها في أشغال التّهيئة والصّرف الصّحّيّ في هذه المدينة، وتواصلت هذه المشاريع في إطار تنمية المناطق الحضريّة تحت حكم الاستعمار. ومنذ العام 1881 ظهرت إلى النّور "مدينة جديدة" تجاوزت في اتّساعها وامتدادها الأسوار الّتي كانت تحيط بها.
وإبّان الحرب العالميّة الثّانية ساهم النّزوح الرّيفيّ والنموّ السّكّانيّ في ازدياد عدد الأحياء الفقيرة بالمدينة. فانقسمت تونس العاصمة إلى ثلاثة أجزاء كبيرة هي المدينة العتيقة الّتي بقيت في طيّ الإهمال، والأزقة والأحياء الشّعبيّة الفقيرة الّتي ما انفكّ امتدادها الحضريّ يزداد، وبين هذين العالمين تونس الجديدة الّتي أصبحت رمزا للنّجاح العمرانيّ، والّتي تطوّرت في إطار "الدّولة الحامية" الّتي تجسّدها الحماية الفرنسيّة.
وبانتهاء الحماية الفرنسيّة، شرعت السّلطات في الجمهوريّة التّونسيّة الفتيّة في إعادة تنظيم المجال الجغرافيّ والحضريّ للعاصمة. وقد أثار المخطّط الجديد للتّهيئة العمرانيّة وتحديث المدينة بعض المشاكل، لا سيّما عندما همّت السّلطات بفتح المدينة العتيقة أمام حركة مرور السّيّارات، فأضحى هذا الفضاء معرّضا للخطر. فتأسّست في هذا الإطار جمعيّة صيانة مدينة تونس الّتي قامت بدعم من اليونسكو بإنجاز مسح معماريّ لخمسة عشر ألف منزل في المدينة العتيقة، ممّا سمح لها بإعلان جملة من المبادئ الّتي ترنو إلى "إعادة تأهيل المساكن وتجديد المناطق الحضريّة في المركز التّاريخيّ لمدينة تونس".
والجدير بالإشارة أنّ هذا المعرض لن يتوقّف عند مدينة تونس، بما أنّه سيقدّم مخطّات التّهيئة العمرانيّة لعديد المدن الكبرى مثل صفاقس والحمّامات وسوسة وقابس.
وقد تمّ جمع كلّ هذه المعلومات والمخطّطات والأرقام والمواعيد في كتاب مفصّل من مائتي صفحة تمّ نشره على هامش المعرض، وهو بعنوان "المجال الحضري في البلاد التّونسيّة، لقطة مقرّبة" (Paysage urbain de Tunisie, Gros plan)